التأمل والتفكير العميق هما إحدى الطرق المؤدية إلى السلام الداخلي، وهما أداة الغوص إلى أعماق الذات الداخلية، والتعرف على الغاية الأولى من وجود كل فرد منا، كما أنه وسيلة التخلص من الضغط النفسي والبقاء ضمن إطار الهدوء والسكينة النفسية والعقلية في ظل تضاربات العصر. إذًا كيفية التأمل؟
أن تتعرف على كيفية التأمل وتجلعه تمرينًا وعادة مفضلة لديك، هو بمثابة هدية رائعة تقدمها لذاتك كما قال رينبوتشي. بغض النظر عن السبب الذي جعلك في حاجة لتعلم طريقة ممارسة التأمل، سواء كان التخلص من الأفكار السلبية، امتلاك قدرة أعلى على التركيز، الوصول لدرجة فائقة من التطوير الذاتي.
سنتطرق للحديث خلال هذه المقالة حول نقاطٍ أربع وهي، علاقة الربط بين التأمل الروحي والتفكير العميق، ثم طرح مجموعة من الخطوات حول طريقة ممارسة التأمل، تاليًا سنذكر طريقة التأمل للمبتدئين، وسنختم المقالة ببعض التقنيات العملية فيما يخص جعل التأمل والبقاء في حالة من اليقظة الذهنية عادة يومية، فالتأمل هدف جدير بالسعي إليه.
قد يبدو مفهوم التأمل الروحي فلسفيًا للوهلة الأولى نظرًا لكونه يشير إلى ضرورة الوصول إلى ماهية الغاية من وجودك في الحياة, لكن عندما نتعمق في إدراك ما هو التأمل وصلته القوية بعمليات التفكير العميق وأهميتها في تنمية جانب التطوير الذاتي على المستوى الروحي لديك؛ وعليه فإن الحاجة لتعلم كيفية التأمل يجب أن تكون هدفًا نسعى إليه جميعًا.
تشير ماهية التأمل الروحي إلى أنها رحلة إدراك الذات والوصول إلى أعمق إجابة عن سؤالين مَن أنت؟ولماذا خُلِقْت؟ أثناء رحلتك في إيجاد إجابة حقيقة لهذين السؤالين؛ فإنك بذلك تكون قد وصلت إلى مرحلة أوَّلية من الوعي الذاتي, ثم تتوَلَا بعدها سلسلة من الأسئلة حول ماهيتك, تبدأ من بعدها الانطلاق إلى اكتشاف نفسك وجعل التطوير الروحي رحلة حياة وليس مجرد هدف ينتهي بمجرد تحقيقه. تأتي الحاجة الماسَّة إلى ممارسة التأمل الروحي والرغبة في التعمق ومعرفة خفاياك الباطنية, من الشوق الفطري لاكتشاف الذات ومعرفة معالم شخصيتك الحقيقة ابتعادًا عن كل ما خلَّفه العالم الخارجي من فوضى وتشتيت.
هنا يجب الاعتراف أن إتقان مهارة التأمل يلزمها اكتساب عادة التفكير العميق وممارستها بشكل يومي, وملاحظة جميع الإشارات والرسائل التي تكمُن في التجارب اليومية, والتفكير فيها بصورة عميقة أكثر مما كنت تفعل سابقًا. أنْ تكون على دراية تامَّة حول كل ما مررت به وما تمر به الآن, يمثل في ذاته أداة قوية لمساعدتك على الوصول لمرحلة متقدِّمة من التأمل والتَّفكُّر, فور الوصول إليها؛ ستخوض تجربة مختلفة بمشاعر من السلام والهدوء والراحة بطريقة كما لم تشعر بها من قبل. الآن بعد أن ألقيت نظرة على فوائد التأمل ومدى تأثيره على ذاتك, دعنا نجيب عن السؤال المطروح وهو كيفية التأمل؟ وما هي طريقة التأمل الصحيحة؟
قد يتحدث بعض الأشخاص حول أن طريقة التأمل الصحيحة تتم فقط في مكان هادئ بوضعية معينة. لكن ماذا لو كنت في موقفٍ يدعو إلى ضرورة التفكير العميق الآن لحل مشكلة كبيرة في مجال عملك على سبيل المثال؟ حينها يلزم عليك ربط الأحداث والاستدلال بالإضافة إلى إتقان مهارة صنع القرار وغيرها. تابع لتتعرف على طرق التأمل والاسترخاء الفعالة وتتعلم تقنيات التفكير النقدي الإبداعي.
كم من الأفكار تتراود إلى عقلك منها الإيجابي ومنها السلبي, منها المفيد ومنها عديم الفائدة. فمن المؤكد حاجتك إلى وقت من صفاء الذهن وتطبيق طريقة التأمل الصحيحة، ولن يتحقق هذا ما دمت تقاوم أفكارك, اسمح لها بالسيلان ولكن تحكم في رغبتك؛ بالاستجابة لهم؛ فكلما سمحت لأفكارك بالابتعاد والتسرب تخلصت منهم, فإذا قاومتها وأدرك عقلك ذلك؛ سيزيد تركيزه عليها وستكون النتيجة عكسية، وهي أن تنمو لديك عادة سيئة وهي التفكير السلبي والنقد الذاتي الهدام. فقط دعها تذهب ولا تقاومها. هذه أولى أسطر الإجابة عن سؤال كيفية التأمل, اعترف بأفكارك.
يلزمك لتطبيق طريقة التأمل الصحيحة قدر كبير من التركيز وقد يكون الأمر صعب في بداية تطبيق هذا التمرين لكن لتطبيق كيفية التأمل المتَّبَعة التزم بهذه الخطوات:
حينها فقط ستشعر بسيلان كبير في تردد الأفكار الإيجابية بانتظام, وقد يلمسك شعور بالنعومة وكأنك تطفو فوق الماء؛ مما يعطيك في النهاية شعور بخفة الروح.
كما ذكرت سابقًا أن معرفة كيفية التأمل وإتقان فن التركيز العميق يساعدان على إدراك المواقف وملاحظة الدلائل منها. اجعل التأمل طريقة لاستكشاف نقاط قوتك وضعفك من خلال:
يساعد هذا النشاط حول كيفية التأمل على أن تكون واعيًا بمراكز قوتك وضعفك. ويعد الوصول إلى تحديد هذه النقاط بوضوح تام عامل قوي على تطوير الذات الداخلية، والتحلّي بقدرة على تقبل نقاط ضعفك, من ثَمَّ البدء في معالجتها، ومن ناحية أخرى تعزيز نقاط القوة واستخدامها فيما يخدم الجوانب العاطفية والنفسية والعقلية لك.
التصوُّر يعد واحدًا من طرق التأمل والاسترخاء الأكثر فاعلية. ويشمل أحد أنواع التصور البصري المكاني, إنشاء مكان سِلْمي، ويتم ذلك من خلال بناء صورة لمكان ما ترغب بالذهاب إليه أو مكان تحبه أو مكان تربطك به ذكرى جميلة تشعرك بالراحة والهدوء, بعيدًا عن جميع هذه الاحتمالات يمكن تصور مكان خيالي فريدًا بملامحه. الغاية من ممارسة هذا التصور هي الشعور بالهدوء باستحضار في خيالك مكان مريح. تدرب على تطبيق خطوات كيفية التأمل الصحيحة لتحصل على نتائج فعَّالة.
إحدى طرق التأمل والاسترخاء الشائعة هي التركيز العميق على شيء مادي. جرب وضع شيء في مستوى عينيك حتى لا ترهق رقبتك أو رأسك أثناء التركيز عليه بصريًا. قد يكون هذا الشيء شمعة مضاءة مع التركيز على لهيبها أو بلورة لامعة أو حتى قد تكون زهرة, مع بعض الاحتمالات الأخرى. ركز على لهيب الشمعة واندمج مع حركتها وتدرجات ألوانها ونعومتها مع التركيز على الشعور الذي يصلك من خلالها والذي قد يكون الدفء أو الراحة. بعد مرور بضع دقائق من اتباع طريقة ممارسة التأمل هذه؛ ستلاحظ صفاء الفكر والشعور بشكل لم تختبره من قبل, من ثَمَّ تدرك قدرتك على التفكير بشكل أفضل وإيجاد الحلول إذا كنت تواجه مشكلة, أو التخلص من العواطف والأفكار السلبية إن وجدت.
هذه إحدى طرق التأمل والاسترخاء السريعة والسهلة في الوصول إلى درجة من الصفاء الذهني واستخراج الأفكار الجديدة. هذا الأسلوب قد يمارسه البعض دون إدراك منه باعتبار أن هذه العادة تمثل طريقة ممارسة التأمل, فيجد نفسه من بين الزحام ركز بصره على شيء بعينه ولاحظ كافة تفاصيله دون وعي منه.
خلاصة الأمر أن يكون التأمل هدف تسعى إليه في الوقت ذاته وسيلة للتطوير الذاتي، هو شيء تتمركز عنده نقطة فاصلة في حياة كل شخص أدرك أهمية التأمل؛ فتنمو لديه الرغبة الشديدة في البحث عن كيفية التأمل وطرق ممارسته الصحيحة، مع تعلم بعض التقنيات وقد تكون الخطوات الأولى صعبة بعض الشيء وهذا أمر لابد من إدراكه وتقبله لاستمرار التنقل في هذه الرحلة من محطة لأخرى تقدمًا بذاتك وسموًا بعقلك وفكرك إلى الأفضل. وتزداد مهارتك في إتقان هذه المهارة عبر الاطلاع على أنواع التأمل ومختلف استراتيجياته.
إلى كل المبتدئين الذين يبحثون عن كيفية التأمل بطريقة صحيحة ضمن خطوات قابلة للتطبيق بشكل مبدئي. تابع الخطوات التالية:
من الضروري أن يكون لك سبب يدفعك لممارسة التأمل. قد يكون ذلك الهدف هو الحاجة إلى تعزيز قدرتك الابداعية أو اكتساب الصبر أو الوصول إلى مشاعر سامية من السلام الداخلي والسمو الروحي أو حتى إجراء تمارين التصور، أن تتخيل الأهداف التي تود تحقيقها كوسيلة للتحفيز. وتختلف الأسباب الدافعة للتأمل من شخص لآخر. ولكن إذا كان ببساطة هدفك من ممارسة التأمل هو الوصول إلى درجة من الصفاء الذهني فهذا السبب كافيًا على استحضار نفسك وعقلك للتأمل. هذه إحدى النقاط التي يتجاهلها الكثيرون على الرغم من فاعليتها على جودة وكيفية التأمل بشكل صحيح.
عند بدايتك لممارسة التأمل، عليك أن تزيل من المكان أي مصدر من مصادر التشتت لكن فيما بعد ستصل إلى مرحلة يمكنك فيها ممارسة التأمل مهما كان المحيط الذي تتواجد به يعم بالفوضى. الآن تأكد من اختيار مكان أو زاوية في المنزل تشعر بالراحة في الجلوس فيها، أو حتى خصص لنفسك مكانًا في حديقتك إذا كنت ترغب بالتأمل في مكان مفتوح. كذلك ابتعد عن أي مصدر قد يشتتك مثل الهاتف أو الضوضاء السمعية.
ثالث خطوات كيفية التأمل وفي حال ممارسة التأمل للمبتدئين، من المهم أن تهيء المحيط قبل البدء ويكون أحد أشكال هذه التهيئة، بأن تختار وقتًا عادة ما تشعر فيه بالاسترخاء والراحة. قد يكون هذا الوقت في الصباح إذا كنت تسير على نظام دائم من النوم الصحي، كما يمكن أن يكون بعد الانتهاء من القيام بعمل مجهد مثل العمل أو الدراسة أو غيرها بهدف تحصيل الراحة. كذلك يجب ألا تشعر بأي مشاعر مزعجة مثل الجوع، تناول طعامًا خفيفًا حتى يكون ذهنك في أتم حضوره.
قد يكون من المريح بالنسبة لبعض الأشخاص الجلوس على كرسي بوضع مستقيم، لكن إذا كان الاستمرار على ذلك سيسبب الإرهاق، استلقِ بعض الوقت ثم عاود الكرة. لكن الخيار الأنسب لطريقة التأمل والاسترخاء بشكل صحيح، هو أن تهيئ وسادة دائرية لتحافظ على استرخاء جسدك وتشعرك بالراحة عند الجلوس عليها.
من أكثر الأمور أهمية في إتقان كيفية التأمل بطريقة صحيحة، هي أن تختار الملابس التي ترتديها، بحيث تكون مريحة وفضفاضة كما تختار ملابس النوم أو ممارسة التمارين الرياضية. تجنب أن تشتت نفسك وتعيق قدرتك على التأمل بارتداء ملابس ضيقة.
اعتمد في هذه الخطوة من خطوات ممارسة كيفية التأمل, بالتركيز على حواسك من دخول وخرج الهواء، ويفَضَّل غلق الفم أثناء ذلك. الهدف من هذه الخطوة أن تكون قادرًا على الشعور بحضورك وبجسدك بشكل خاص، لكن لا تهتم بالتركيز على الآلية التي تتم بها عملية التنفس ولا كيفية تواليها، ولا تتعامل مع الأمر على أنه اختبار أو تجربة يستوجب عليك شرحها فيما بعد.
هناك عدد كبير من المبتدئين يواجهون صعوبة في التركيز لبضع دقائق متوالية خاصة في أول مرة خاض فيها التجربة. لا تقْسُ على نفسك وتجهِدها في مقاومة الأفكار والمشاعر المتضاربة والأصوات الداخلية، فقط اتركها تتدفق وتقبلها؛ حتى لا تواجه صعوبة في إعادة الكَرَّة في اليوم التالي. فالعقل إذا أدرك وجود فعل يُشعِره بالإجهاد؛ سيخلق ذلك عدم رغبة في فعله مجددًا، في حين أن الهدف هو أن يكون التأمل عادة يومية لنا.
نسبة كبيرة من سلوكياتنا قد تصل إلى 95% هي ناتج عن العقل اللاواعي (أي تسير وفق الطيار الآلي), وهذا ما هو عليه الفئة الأكبر من الأشخاص. في المقابل من هذا تكون اليقظة الذهنية ليست مجموعة من الإشارات الافتراضية التي يصدرها الدماغ, بل هي بمثابة سيطرة تنفيذية على العقل والتصرفات والرغبات وكل ما يتعلق ببواطن النفس، ويمثلها الفئة الأقل من الأشخاص. فيما يلي بعض آليات كيفية التأمل واكتساب عادة اليقظة الذهنية:
كما قال رينبوتشي: “يمكن استخدام كل شيء كدعوة للتأمل”. هذه المقولة تختصر الكم الهائل من المواقف الروتينية التي يمكن تعزيزها بممارسة التأمل وإن كانت للحظات معدودة.
من الطبيعي تماما مواجهة بعض التحديات عند تطبيق خطوات كيفية التأمل العميق. ربما لاحظت أنك تميل إلى الضياع في الذكريات أو الأفكار حول المستقبل مثلا. ولكن لا تشعر بالإحباط حتى أكثر الممارسين تفانيا يواجهون عقبات ولحظات من الإحباط والشك. فيما يلي بعض التحديات الشائعة التي تظهر بعد معرفة ما هو التأمل ومحاولة تجربته وكيفية التغلب عليها:
في حين أن التأمل الذاتي له العديد من الفوائد، إلا أنه ليس من السهل دائما البدء. قد تواجه بعض التحديات عند البدء فيه, لكن لا تدع ذلك يمنعك من جني ثمار هذه الممارسة.
أَنْ تصل لإتقان تمارين اليقظة الذهنية وجعلها عادة يومية وجزء أساسي من أحداث يومك؛ مما لا شك فيه ستلاحظ الفرق بين ما كانت طريقة تفكيرك عليه قبل، وستشهد مدى التقدم الذي وصلت إليه في وعيك بذاتك, كما ستكون أكثر قدرة في تحديد الإجراءات اللازمة في مواضعها ووقتها المناسب، بالإضافة إلي ذلك تكون قد اكتسبت القدرة على اتخاذ قرارات صحيحة، وأن أصبحت إرادتك أقوى وتشعر بحضورك في أي مكان تتواجد به، وكيف أنك تفوت الكثير والكثير من التفاصيل وتهتم بأخرى لا عائد منها عليك.
أما عن بعد أن تعرفت على كيفية التأمل وقد أجبنا عن تساؤلك حول طريقة ممارسة التأمل؛ تكون بذلك مستعدًا لبدء خطوات في رحلتك نحو الإدراك الذاتي واليقظة الذهنية والتفكير العميق والسلام الداخلي، وكل هذه الجوانب تهدف في النهاية إلى تطوير الذات.
هل يسيطر عليك التفكير الزائد؟ اكتشف أبرز أعراض التفكير الزائد الخفية وتأثيرها السلبي على حياتك…
تعرف على أفضل طرق علاج التفكير الزائد والوسواس، وكيفية تطوير ذاتك لتحسين جودة حياتك والحد…
طريقك لتحقيق النجاح الذي تريده هو تبنَّي عادات إيجابية. تعريف العادات الإيجابية، وأهميتها في تحقيق…
هل ترغب في البدء برحلة التعرف على أسرار صفات الشخصية القيادية؟ بإمكانك أن تكتشف جميع…
هل تواجه صعوبة في التخلص من التفكير السلبي؟ تعرف على أفضل طريقة للتخلص من الأفكار…
هل ترغب في تحسين جودة حياتك وتعزيز صحتك البدنية؟ هل ترغب في أن تكون صاحب…