لا شك أن لكل شخص منا بعض العادات السلبية التي يسعى جاهداً لتغييرها، بدءً من قضم الأظافر وصولاً إلى التدخين، والتي قد تؤخره أو تقف عائقاً بينه وبين تحقيق أهدافه. يسعى الجميع لتحسين صفاته وعاداته. فالحياة عبارة عن سلسلة من العادات اليومية، وما نقوم به كل يوم هو ما يجعلنا ما نحن عليه الآن.
ليست كل العادات سواءً؛ فهي إما سيئة وإما جيدة، وما يحكم ذلك هو القدرة على إدارة النفس. قد يكون من الصعب تغيير العادات السيئة بالأخص بعد أن تكون قد تأصلت بعمق في أدمغتنا والروتين اليومي لنا، مع ذلك فهو ليس مستحيلاً.
في هذا المقال سنلقي الضوء على تعريف العادات السلبية، وسنزيدها توضيحًا بذكر أمثلة عليها، كذلك سنفسر آلية تأثير العادات السيئة علينا، على كلٍ من المستوى الجسدي والعقلي، وأخيرًا سنتعرف على كيفية التخلص من العادات السيئة وتغييرها والسمو بعقلنا إلى درجة عليا من الرقي وتطوير الذات.
ما هو تعريف العادات السلبية؟

العادات السلبية: هي نمط سلوك سلبي ضار بالصحة العقلية والصحة الجسدية والنفسية للفرد، وترتبط بشكل كبير بضعف ضبط النفس. ثُم إن العادة بشكل عام هي كل فعل نكرِّره في كثير من الأحيان إلى أن يصبح استجابة لا إرادية، وبذلك فإن تعريف العادات السلبية بشكل مبسط هي أي فعل ضار متكرر يوفر شعور مؤقت بالرضا، ولكنه يسبب مشاكل على الأمد البعيد وبشكل خاص على مسار حياة الفرد في تطوير الذات، في حال لم يتم التخلص منها مبكراً. كما أن أحد أهم محفزات العادات السيئة هي المشاعر السلبية مثل: القلق، التوتر، الضغط النفسي أو العصبي، الحزن أو الاكتئاب والملل.
أنواع العادات السيئة وأكثرها انتشاراً
تتواجد العديد من أنواع العادات السيئة المنتشرة بشدة في عصرنا الحالي هذا, وهناك عدة أمثلة على العادات السلبية منها: الكسل، التدخين، التسويف، قلة الحركة، قضم الأظافر والإكثار من شرب المنبهات كالشاي والقهوة. كل هذه وأكثر عادات سيئة يتوجَّب علينا بذل الجهد سعيًا للتخلص منها.
تنتشر العادات في كل المجتمعات وبين كل الناس بمختلف الطبقات والهويات, فلا يوجد إنسان لا يمارس مجموعة من العادات السلبية، ولكن نجد بعضها تظهر بشكل أكبر بين فئات عمرية معينة من الناس, وأخرى تكون منتشرة بين المجتمع بشكل عام وحتى بين مختلف البلدان، فتظهر بعض العادات السيئة عند الشباب والمراهقين بشكل أكثر شيوعاً من باقي فئات المجتمع مثل:
- تناول الوجبات السريعة.
- النهم في الطعام.
- غياب الوعي المالي.
- النوم المتأخر وكثرة السهر.
- إدمان السوشيال ميديا.
- الجلوس لفترات طويلة.
- عدم ممارسة الرياضة أو التمارين.
- ضعف الوعي الاجتماعي.
- غياب القدرة على تحمل المسؤولية.
- النوم الزائد.
- التحدث مع النفس بشكل سلبي.
- إدمان العادة السرية.
- تأخر الاستعداد للامتحانات والاختبارات.
- إدمان التدخين والمخدرات.
- الإهمال وعدم التنظيم.
هناك عادات سيئة أخرى توغلت في الشباب والمراهقين من بداية القرن 21، مع ازدياد معدل تطور التكنولوجيا ورفاهية الإنسان، كما توجد الكثير من العادات السيئة في المجتمع النابعة من قلة التوجيه وتوارث أساليب حياة خاطئة جيل بعد جيل، ذكرًا بأمثلة على العادات السلبية: الاستيقاظ لوقت متأخر من الليل وعدم انتظام مواعيد النوم، التسويف، عدم تقدير الوقت، عادات الأكل الخاطئة، غياب ثقافة اختلاف الرأي وغياب الروتين اليومي الصحي، الغضب أثناء القيادة، اللقاء اللوم على الآخرين والكذب …إلخ.
مدى تأثير العادات السيئة على حياة الفرد
تؤثر العادات السيئة تاثيراً واضحاً ومتفاوتاً على الإنسان، وذلك في أكثر من جانب من جوانب حياته، فهذه العادات لها تأثير على الجانب الجسدي والنفسي وأيضاً على الحياة العملية للفرد. سوف نلقي الضوء على عدة عادات سلبية تؤثر على الصحة ونستعرض بعض نتائجها الضارة:
عادة التدخين
هي من أكثر العادات السلبية انتشارًا حسب احصائيات منظمة الصحة العالمية حيث يبلغ عدد المدخنين ما يقارب 1,3 مليار شخص لعام 2018 حول العالم، والتي تؤثر على الصحة بشكل كبير؛ نظراً لاحتواء السجائر على مادة النيكوتين (تسبب اضطراب في معدل ضربات القلب)، وقد تؤدي في بعض الحالات ومع الاستمرار على هذه العادة؛ إلى حدوث سكتة قلبية، كما أنها تساهم في زيادة نسب الإصابة بمختلف أنواع السرطانات، مثل: سرطان الرئة، المعدة، تجويف الفم، الكِلَى، البنكرياس وسرطان المخ.
في النساء كثيرًا ما تؤدي الى الإجهاض أو حدوث تشوهات في الجنين. لذلك يوصي الأطباء بشدة بالتوقف عن ممارسة عادة التدخين حيث أنه حتى بتدخين كميات قليلة تظل السجائر ضارة للصحة بينما تبدأ إيجابيات الإقلاع عن التدخين بعد 20 دقيقة فقط من بعد آخر سيجارة.
عادة الجلوس لفترات طويلة
تم إجراء العديد من الأبحاث واُُثبِت أن الجلوس لفترات طويلة؛ يسبب مع الوقت أمراض القلب والأوعية الدموية، السمنة، السكري، مشاكل في العمود الفقري وآلام أسفل الظهر.
كما أظهرت الأبحاث أنه كلما زادت عدد ساعات الجلوس؛ زاد مع خطر الوفاة المبكرة. وقد ازداد مؤخراً نسبة الوقت الذي يمضيه عدد كبير من الأشخاص في الجلوس، فأصبح يمضي البالغين وقتا في الجلوس بمعدل 6 ساعات يومياً، قد يرجع ذلك إلى انتشار آلية العمل على الإنترنت وأن عدد كبير من الوظائف تتم من خلال الكمبيوتر والذي يتطلب لذلك الجلوس فترات طويلة متتالية سواء في المنزل أو مكان العمل؛ مما يؤدي في النهاية إلى ما يسمَّى بالخمول البدني.
عادة السهر وقلة النوم
تم اكتشاف وتأكيد ارتباط السهر وعدم الحصول على قسط وافر من النوم بالعديد من المشاكل والأضرار الصحية، مثل: الإصابة بالسكري من النوع الثاني، أمراض القلب، ارتفاع الضغط، السمنة، اضطراب الهرمونات، ضعف القدرة على التذكر والتركيز؛ مما قد يصل إلى الزهايمر أو الخرف. لذا وإنه لأمر بالغ الأهمية علاج السهر بأسرع وقت ممكن للتقليل من احتمالية الإصابة بهذه الأمراض والتخلص من هذه العادات السلبية.
عادة إدمان الموبايل
هو أحد أكثر أنواع العادات السلبية انتشاراً والتي تحولت لشكل من أشكال الإدمان، حيث أظهرت عدة دراسات أن حوالي 50 ألف شخص من سكان العالم أكثر عرضة للمعاناة من ادمان الموبايل. ينظر الفرد في الهاتف المحمول بمعدل متوسط 150 مرة في اليوم, ولهذا العديد من الأضرار الصحية الجسدية والعقلية كما أن لها تأثيرات سلوكية, ومن ضمن تلك الأضرار: الصداع، آلام الفقرات والظهر ، ضعف النظر بالوقت، نوبات قلق، فقدان القدرة على التركيز، زيادة السلوك العدواني والعصبية. إذًا وبعد توضيح كافة الأضرار التي يتحملها الفرد من عدم سعيه لتغيير العادات السلبية التي منها معالجة هذا الإدمان.
عادة إدمان السوشيال ميديا
يترتب على تغيير العادات السلبية شعور أقل بالرضا والسعادة اللذين يأتيان من ممارسة العادة قبل التخلص منها، لذا يجب استبدالها. على سبيل المثال تأتي عادة إدمان السوشيال ميديا في الترتيب بعد عادة إدمان الموبايل.
يمكن تعريف عادة إدمان السوشيال ميديا في أنها نوع من أنواع الإدمان السلوكي الذي يتعلق بالقلق المفرط حول وسائل التواصل الاجتماعي. تتأثر الدماغ بالسوشيال ميديا بشكل مباشر وقوي فهي تؤدي إلى الإدمان النفسي والبعد عن تقدير النفس والحياد عن طريق تطوير الذات، حيث أظهرت دراسة أجرتها جامعة هارفارد أن التحدث عن النفس على مواقع التواصل الاجتماعي يقوم بتحفيز نفس المناطق في الدماغ التي تنشط عند تناول مادة مسببة للإدمان، مثل تلقي إشعارات الإعجاب أو الإشارة له عند ذلك تتلقى الدماغ اندفاعاً من الدوبامين؛ مما يشعر الفرد بالمتعة والسعادة الفورية.
أثبتت عدة أبحاث أن هناك صلة قوية وغير قابلة للإنكار بين إدمان السوشيال ميديا والصحة العقلية النفسية، حيث قامت جامعة ولاية كاليفورنيا بعمل دراسة بخصوص هذا الصدد، وقد وجدت أن الأفراد الذين زاروا أي موقع من مواقع السوشيال 58 مرة أو أكثر أسبوعيًا كانوا عرضة للشعور بالعزلة الاجتماعية والاكتئاب 3 مرات أكثر من الأشخاص الذين يستخدمون السوشيال ميديا بمعدل أقل 9 من مرات في الأسبوع. كما من أسباب الاستخدام المفرط لمنصات التواصل الاجتماعي الشعور بالتعاسة، عدم الرضا عن حياتهم بشكل عام والقلق.
عادة التسويف
عادة التسويف والمماطلة هي عادة التأجيل المتعمد لإنجاز بعض المهام الواجب أدائها؛ مما يعرقل الأداء الشخصي للفرد ويؤخره؛ مما يحول دون تحقيق الإنجازات أو الواجبات في مواعيدها وبالتالي تولد الإحباط واليأس. تم إجراء دراسة عام 2014 حول التسويف والتكيف، وكانت النتيجة أن حوالي 20-25 % من الأفراد البالغين حول العالم لديهم عادة التسويف والمماطلة. وترتبط عادة التسويف غالبا بالأداء السلبي والاصابة بمستويات عالية من القلق والتوتر بالإضافة إلى ضعف القدرة على التحكم في الانفعالات. ومن هنا تولدت ضرورة علاج التسويف، فإن إدراك كيفية التخلص من العادات السيئة بداية السلم لتطوير الذات والرقي في شتى جوانب الحياة.
الطريق الأكثر فعالية للتخلص من العادات السلبية
بعد أن قمنا بتعريف العادات السلبية وألقينا الضوء على بعض الأمثلة منها والتأثير السلبي لهذه العادات على الصحة الجسدية والعقلية؛ لذا نشير خلال هذه الفقرة إلى كيفية التخلص من العادات السيئة، وذلك من أجل صحة أقوى وإنتاجية أعلى. لكن ليس من السهل إقناع أدمغتنا البشرية بأن تُحدِث أي تغيير في عاداته بسهولة؛ لذلك قد يحتاج إلى أساليب فعالة لتعديل السلوك. خطوات تغيير العادات السلبية قد تبدو صعبة في البداية وبها العديد من التحديات، ولكن باتباع الخطوات التالية قد يكون التخلص من هذه العادات أكثر سهولة للحصول على أسلوب حياة أفضل.
- أولاً: التعرف على العادة السلبية وتحديد السلوك الملموس المطلوب تغييره.
- ثانياً: تحديد المحفزات التي تنشط هذه العادة، مع التفكير في سبب بدأها والسبب الذي يجعل هذه العادة السيئه مستمرة ومتكررة على الرغم من تأثيرها الضار.
- ثالثاً: قطع أكبر عدد ممكن من محفزات تلك العادة السلبية، حيث أن المحفزات هي كل ما يطلق ويحفز تكرار هذه العادة، فمثلا في حالة المعاناة من النهم في الأكل، يكون في هذه الخطوة من الجيد الابتعاد عن أماكن انتشار الطعام مثل المطاعم والكافيهات، وعدم إبقاء أي طعام أو وجبات خفيفة في متناول اليد على مدار اليوم.
- رابعاً: أظهرت بعض الأبحاث أن مجرد تغيير العادات السلبية ما وقطعها أو إنهائها، قد لا يجدي أفضل نتيجة، حيث أن هذه العادة تطورت لسبب ما ولسد حاجة معينة وتوفير شعور بالراحة و الرضا؛ لذلك فمن الأفضل استبدال العادات السيئة بأخرى إيجابية تساعد على توفير نفس الشعور بالراحة.
- خامساً: البحث عن الدعم في رحلة التخلص من العادات السلبية مع أشخاص يسعون للتخلص من نفس العادات، مثل مجموعات الدعم التي تجتمع للتشجيع على التخلص من التدخين أو الإدمان وغيرها.
- سادساً: التحلّي بالصبر والمثابرة على صعوبات الرحلة ومشقاتها، فهي رحلة متعرجة، ومن المحتمَل حدوث بعض الإخفاقات في طريقها ولكن من الضروري التحلي بالإيمان والثقة أن نهايتها ستكون النجاح.
- سابعاً: كافئ نفسك دائمًا على كل خطوة وإنجاز في رحلتك؛ لتظل مُحفَّزاً ومتفائِلاً.
كم تستغرق عملية التخلص من عادة سيئة؟
هناك عادات سيئة عديدة ولكن لا يمكن لأحد الجزم بالمدة اللازمة للتخلص منها، فكل عادة تختلف في المدة المحتمَلَة لها عن الأخرى، ويَعتمد تغيير العادات السلبية على المثابرة، الصبر، قوة الإرادة، الثقة بالنفس والتصميم، كذلك بالطبع تقف على صعوبة وسهولة تلك العادة، ومدى الانغماس فيها وطول المدة التي تم ممارسة العادة فيها.
الخاتمة
عند بناء العادات لا يتحتم على العقل أن يعمل بجهد كبير لأدائها، فهو يربط المحفز بالسلوك والمكافأة والشعور بالراحة أو الرضا، ولكنه في حالة العادات السلبية لا يربط ذلك بالعواقب بعيدة المدى والتي قد تكون وخيمة وصعبة الإصلاح. فيقع على عاتق كل فرد بالغ أن يحاول تغيير هذه العادات وأن يكون لديه الوعي الكافي والإرادة والتحكم في النفس؛ لتلافي هذه العواقب، وتفادي ما يتبع العادات السيئة من شعور بالذنب والتقصير، واستبدالها بعادات إيجابية أخرى والاستمتاع بشخصية أقوى وصحة أفضل وحياة أكثر إنتاجية، فكما يقول بنجامين فرانكلين “إن صافي قيمتك بالنسبة للعالم يتم تحديده عادة بما يتبقى بعد طرح عاداتك السيئة من عاداتك الجيدة”.
محمد محمود
رائد أعمال على قدر كبير من الشغف بثقافة تطوير الذات وقائد فريق الماستر، أحد رسالاتي في الحياة إثراء المحتوى العربي الرقمي في مجالات عديدة بهدف تحفيز وإلهام الشباب العربي على النمو وتحقيق الأمجاد.
مقالات ذات صله
27 سبتمبر، 2024
هل تحتاج لعادات إيجابية لتحقيق الصورة المُثلي من ذاتك؟
طريقك لتحقيق النجاح الذي تريده هو تبنَّي عادات إيجابية. تعريف العادات…
23 يوليو، 2024
ممارسة الرياضة: الاستثمار المجاني الأمثل لعقلك وجسدك وأيضًا روحك
هل ترغب في تحسين جودة حياتك وتعزيز صحتك البدنية؟ هل ترغب في أن تكون صاحب الجسم…
12 مايو، 2024
إدمان السوشيال ميديا: أضرار خفية تهدد حياتنا
قد تؤدى كثرة استخدامك لمواقع التواصل الاجتماعي إلى العديد من الآثار السلبية على…