العادات

إدمان السوشيال ميديا: ما الذي تخبئه هذه الظاهرة من أضرار على حياتنا

على الرغم من إظهار مواقع التواصل الاجتماعي العديد من التطورات الإيجابية التي جعلت من العالم قرية صغيرة منفتحة على جميع الثقافات المختلفة والشعوب الأخرى، إلا أنها أثرت بشكل كبير على التواصل الحقيقي بين البشر, والذي تحوَّل فيما بعد إلى ما يسمى بظاهرة إدمان السوشيال ميديا.

الأمر الذي يجعل مشكلة إدمان السوشيال ميديا تندرج تحت مشاكل الإدمان، هو استخدام هذه المنصات بكثرة وبشكل مستمر؛ يجعل الفرد يدمن استخدامها دون أن يشعر بضرر هذا الشئ عليه. مما جعله يندرج تحت الإدمان السلوكي وهو اعتياد فعل شيء بشكل مستمر ووجود صعوبة في تركه.

سنقدم لكم في هذا المقال تعريفًا علميًا حول ما هو إدمان السوشيال ميديا، انتقالاً إلى معرفة أعراض هذه الظاهرة، كما أننا سنتطرق إلى توضيح الأسباب التي تؤدي إلى إدمان مواقع التواصل الاجتماعي، كما سنتناول الحديث عن اضرار السوشيال ميديا على حياتنا وكيفية معالجة هذا الإدمان بنجاح.

ما المقصود بإدمان السوشيال ميديا؟

إدمان الـسوشيال ميديا: هو استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بشكل متكرر يفوق الحد المتوقع؛ مما يؤثر بالسلب على باقي مجالات الحياة الأخرى، فيحدث للشخص إدمان للإحساس الذي يشعر به من المتعة في عملية التصفح والحصول على تعليقات وردود إيجابية، فيكرر الشخص هذا الفعل ليصل له نفس الإحساس مرة أخرى دون الالتفات إلى الضرر الذي يُحدِثه هذا الإدمان. ومن ناحية أخرى يشعر الشخص بالقلق والنقص عندما يفقد هذا الشعور والانقطاع عن متابعة هذه المنصات، كما يحدث مع المدمن للمخدرات أو الكحول.

متى نقول عن شخص أنه مدمن إنترنت؟

يمكن أن يتم تشخيص الفرد على أنه يعاني من إدمان مواقع التواصل الاجتماعي، إذا توافرت إحدى هذه العلامات:

  • التسويف في إتمام المهام اليومية، وتأجيلها من أجل قضاء وقت أكثر على منصات التواصل المختلفة.
  • الجلوس لفترات طويلة على الهاتف لتفحص مواقع السوشيال ميديا باستمرار.
  • الإحساس بالقلق والضيق والاختناق إذا لم يتم استخدام مواقع السوشيال ميديا لفترات من الزمن.
  • السهر لفترات طويلة دون نوم لتصفح منصات السوشيال ميديا.

الاعتراف بمشكلة إدمان مواقع التواصل الاجتماعي

إن أولى خطوات حل أي مشكلة هو الاعتراف بوجودها وتصنيفها كواحدة من المشاكل التي يلزم حلها. وهنا بالحديث عن مشكلة إدمان منصات التواصل الاجتماعي؛ فيمكن تحديد ما إذا كان كنت تعاني من هذه المشكلة بالإجابة عن الأسئلة التالية بنعم أو لا:

  1. هل في حال لم تستخدم منصات السوشيال ميديا لفترات, يجعلك تفكر بها كثيرًا؟
  2. هل تشعر بالإقبال على تصفحها أكثر فأكثر؟
  3. هل تستخدم تلك المواقع للابتعاد عن مشاكلك الشخصية وعدم التفكير بها؟
  4. هل حاولت لمرات عديدة الابتعاد عن مخاطر السوشيال ميديا والتخلص من إدمان مواقع التواصل الاجتماعي؟
  5. هل تشعر بالاضطراب أو التوتر عند عدم استخدامك لها؟
  6. هل إدمان السوشيال ميديا لديك يؤثر سلبًا على مستواك الدراسي أو المهني؟

في حال أجبت بنعم عن أكثر من ثلاثة أسئلة فهذا بالتأكيد يشير إلى إصابتك بإدمان مواقع التواصل الاجتماعي, وكل ما عليك فعله كخطوة أوَّلية هو الاعتراف بمعاناتك من مخاطر السوشيال ميديا وأنت بحاجة إلى تعلم مهارات التواصل الواقعية مع الأصدقاء والعائلة أكثر وهذه إحدى أسهل الطرق للتخلص من اضرار السوشيال ميديا.

ما هي الأسباب التي تؤدي إلى إدمان السوشيال ميديا؟

قد تتعرض فئة كبيرة من مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي إلى المعاناة من مشاكل إدمان السوشيال ميديا بسبب مجموعة كبيرة من الأسباب،التي إحداها:

  • الوحدة والانعزال وعدم القدرة على تكوين علاقات اجتماعية جيدة؛ مما يجعل اللجوء إلى شبكات السوشيال ميديا وتكوين علاقات افتراضية هو الحل الأفضل.
  • العيش في بيئة تفتقر إلى قوة العلاقة العائلية بين أفرادها.
  • شعور الفرد بانعدام قبوله وتقديره من قبل الآخرين؛ يسبب لديه اضطراب القلق الاجتماعي، بالتالي الشعور بعدم تقدير الذات وانعدام الثقة بالنفس؛ فيلجأ للهرب إلى التواصل الافتراضي بين الأفراد من منصات السوشيال ميديا.
  • كثرة أوقات الفراغ وإهدار الوقت وعدم إدارته بشكل جيد كذلك من أسباب إدمان السوشيال ميديا أيضًا وعدم إشغال الوقت بكل ما هو مفيد.

ما هي أعراض إدمان السوشيال ميديا؟

عند الاستخدام المفرط لمواقع السوشيال ميديا, والذي يشكل فيما بعد ما يسمى بظاهرة إدمان مواقع التواصل الاجتماعي؛ والتي يظهر كأحد اضرار السوشيال ميديا على الشخص والتي تدمر فيه كثير من جوانبه النفسية والجسدية منها:

  • الشعور بالقلق والتوتر المستمر إذا تأخرت عن تفحص هذه المواقع.
  • الشعور بالسعادة عند استخدام وسائل السوشيال ميديا والشعور بالقبول والإقبال على المتابعة؛ هذه العوامل التي تتسبب في إفراز هرمون الدوبامين (هرمون السعادة) الذي يجعل من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي نشاطًا يحصل الشخص من خلاله على مكافأة؛ تعزِّز إيجابياً من زيادة الإقبال على استخدام هذه المنصات؛ وفي النهاية يصل الشخص إلى إدمان السوشيال الميديا بدرجة يصعب علاجها.
  • عدم القدرة عن ترك الهاتف؛ مما يسبب مشكلة إدمان الموبايل.
  • الرغبة الدائمة في تحسين الحالة المزاجية والهروب من الضغوطات والالتزامات, عبر اللجوء إلى هذه المواقع دون الاكتراث لمخاطر السوشيال ميديا.
  • تفضيل اللقاءات الافتراضية والمحادثات النصية عن اللقاءات المباشرة.
  • التعود على الانعزال، وإخلاء وقت كبير من يومك بتأجيل مهامك وإلغاء التجمعات، لاستخدام مواقع السوشيال ميديا.
  • المعاناة من اضطرابات النوم.
  • التقليل من احترام وتقدير الذات.
  • الشعور بعدم الرضا عن الحياة من خلال الدخول في سلسلة مقارنات لا نهائية.
  • التأثير على العلاقات الاجتماعية والشخصية وتدميرها.
  • انخفاض المستوى الأكاديمي, والابتعاد المبالغ عن تطوير الذات ونمو الشخصية.
  • إهدار النشاط البدني وفقدان الطاقة الجسدية.
  • انخفاض مستوى النظر.
  • التعرض للعديد من الاضطرابات المزاجية والاتجاه إلى ممارسة عدد من العادات السيئة.

علاقة وسائل التواصل الاجتماعي بالصحة والعقل

تعد مشكلة إدمان مواقع التواصل الاجتماعي, من المشاكل الصحية العالمية التي حازت على اهتمام كبير من المختصين فى مجال الصحة النفسية. ذلك أن حل مشكلة سوء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي فى بعض الأحيان قد يتطلب اللجوء إلى طبيب نفسي، للتخلص من أضرار إدمان السوشيال ميديا والأفكار السلبية التي تولدت عنه, والتي قد تصل إلى حدوث مشاكل نفسية خطيرة على الشخص قد تصل إلى مرحلة الاكتئاب.

يرى المختصون أن تلك الإعلانات المصممة خصيصا للجذب والتسويق, لها تأثير بشكل سلبي وبصورة غير مباشرة على متصفحي منصات التواصل؛ فقد ينشر أحدهم منشورًا لمنزله الكبير فيراه البعض بنظرة إلهام من التصميم وجمالية المنزل, في حين أن هناك فئة هستنظر للمنشور نظرة حسد أو غيرة, ومع تراكم هذه الحالات يتعرض الشخص في النهاية إلى حالة من فقدان الثقة الحاد وعدم القدرة على الشعور بالرضا بل وتنمو لديه الرغبة الكبيرة في المزيد وإن امتلك البعض. 

لأضرار إدمان السوشيال ميديا على جوانب النفس خاصة العقلية والتي أحد أوجهها الإصابة بالاكتئاب أو الدخول في حالة من القلق المزمن, والتي قد يكون أحدهم وصل إليها بالفعل. لذا نسعى من خلال هذا المقال توجيه الإشارة إلى مخاطر السوشيال ميديا وضرورة الابتعاد عنها قدر الإمكان وصولاً للتخلص من قيودها نهائيًا, بل وعدم القبول لتصفحها مرة أخرى.

يمكن كأحد الطرق الأكثر ترشيحًا باعتبارها أفضل بديل لحالة إدمان السوشيال ميديا هي, ممارسة التأمل والتوجه أكثر إلى فهم الذات الداخلية والتعرف على نقاط ضعفك والتخلص منها فالتأمل رحلة طويلة من اكتشاف الذات والتعرف على مشاعر جديدة من الراحة قد تكون تفتقدها في حياتك والتي يكون السبب فيها هو مشكلة إدمان مواقع التواصل الاجتماعي.

كيفية معالجة إدمان السوشيال ميديا؟

بعد الاعتراف بوجود المشكلة ومعاناتك من أضرار إدمان السوشيال ميديا, تأتي الخطوة التالية في اتّباع هذه الخطوات للتخلص من مخاطر السوشيال ميديا بشكل نهائي: 

  1. املأ وقتك بمجموعة من النشاطات المفيدة على سبيل المثال قراءة الكتب, وحاول قدر استطاعتك عدم ترك وقت فراغ كبير فى يومك يجعلك تلجأ إلى استخدام السوشيال ميديا، فمثلاً تعلَّم مهارة جديدة، قم بممارسة رياضة معينة تحبها أو تعلَّم مهارة ترغب باكتسابها مثل كتابة اليوميات.
  2. حدّد وقتًا لاستخدام مواقع السوشيال ميديا فى اليوم، واستعِن ببعض التطبيقات للحد من استخدام مواقع التسلية.
  3. لا تستخدم الهاتف أثناء أداء مهامك الدراسية والمهنية؛ لأن ذلك يؤثر سلباً على أدائك ويخفض من مستواك وكفاءتك في الإنتاجية.
  4. مارس الأنشطة الاجتماعية المختلفة، مثل ممارسة التمارين الرياضية مع أصدقائك؛ ذلك أنها تعزّز علاقاتك الاجتماعية بمن حولك، وبناء علاقات اجتماعية جديدة حقيقية دون الافتراضية.
  5. مارس التخطيط لمهام يومك وحدد المسار الذي ستقضي فيه ساعاتك بتحقيق أكبر فائدة ممكنة.
  6. قم بضبط مواعيد نومك وإبعاد الهاتف عنك عند النوم، لأنه قد يجعلك تغرق في أضرار إدمان السوشيال ميديا أكثر دون الإحساس بالوقت الذي أهدرته.
  7. استبدال عادة تصفح منصات التواصل الاجتماعي, بالتعرف على أهمية القراءة وتحقيق الفائدة منها ومطالعة الكتب المفيدة في عملية تطوير الذات لديك.

الخاتمة

شبكات التواصل الاجتماعي تختصّ بالعديد من المميزات التي قد تجعلك شخصاً منفتحاً، مستكشف ومتطلع لثقافات الشعوب الأخرى المختلفة، إلا أن لديها الكثير من السلبيات التي تجعل منك شخصاً منعزلاً، يعاني من القلق الاجتماعي, ويفقد الكثير من ثقته بنفسه. لذلك كن واعياً لكيفية استخدامك لهذه المواقع واستخدامها بشكل جيد لتحقيق أفضل إفادة وعدم الوصول إلى مرحلة إدمان السوشيال ميديا.  

محى الدين محمود

طالب فى كلية الطب البشري, اقوم بكتابة المقالات الطبية والأبحاث العلمية. أؤمن بأهمية تطوير القدرات وتعزيز الإيجابية في الحياة. لذا بدات بالاطلاع على مجالات فى علم النفس كالعقلية الإيجابية، وتطوير المهارات الشخصية وغيرها من المجالات.

Recent Posts

أعراض التفكير الزائد: علامات تدل على أنك ضحية للتفكير المفرط

هل يسيطر عليك التفكير الزائد؟ اكتشف أبرز أعراض التفكير الزائد الخفية وتأثيرها السلبي على حياتك…

20 ساعة ago

علاج التفكير الزائد والوسواس: استعد تركيزك وتخلص من التفكير المفرط

تعرف على أفضل طرق علاج التفكير الزائد والوسواس، وكيفية تطوير ذاتك لتحسين جودة حياتك والحد…

3 أسابيع ago

هل تحتاج لعادات إيجابية لتحقيق الصورة المُثلي من ذاتك؟

طريقك لتحقيق النجاح الذي تريده هو تبنَّي عادات إيجابية. تعريف العادات الإيجابية، وأهميتها في تحقيق…

شهرين ago

صفات الشخصية القيادية: بداية النجاح في حياة مليئة بالعمل والتحدي.

هل ترغب في البدء برحلة التعرف على أسرار صفات الشخصية القيادية؟ بإمكانك أن تكتشف جميع…

3 أشهر ago

أفضل طريقة للتخلص من الأفكار السلبية والبحث عن السلام الداخلي

هل تواجه صعوبة في التخلص من التفكير السلبي؟ تعرف على أفضل طريقة للتخلص من الأفكار…

3 أشهر ago

ممارسة الرياضة: الاستثمار المجاني الأمثل لعقلك وجسدك وأيضًا روحك

هل ترغب في تحسين جودة حياتك وتعزيز صحتك البدنية؟ هل ترغب في أن تكون صاحب…

4 أشهر ago