تعد الشخصية المؤثرة من أهم المُقومات أو الدوافع التي تُساهم فى إحداث التغيير والتأثير الإيجابي. حيث تتمتع هذه الشخصية بمجموعة من العوامل المؤثرة في الآخرين, مُدعَمَة بقدرةٍ فائقة في تطبيق هذا التأثير بصورة إيجابية مطورة.
في الوقت الحالي, أصبح الكثير منّا يسعي نحو عملية تطوير الذات باكتساب عادات ومهارات جديدة, والتخلص من أخرى؛ للوصول بها إلى درجة من التأثير على الآخرين والسيطرة على من حولنا بطريقة غير مباشرة لتحقيق هدفٍ معين بداخله, أو لتغيير واقع معين وهذا التأثير غالباً ما يكون تأثيراً إيجابياً.
سيتم في هذا المقال تقديم كل ما تودّ أن تعرفه عن هذا النوع من الشخصيات بدايةً من تعريف مفهوم الشخصية المؤثرة, وإيضاح الفرق بين مفهوم التأثير والتأثر, وصفاتها ومميزاتها وعلاماتها, بالإضافة إلى توضيح بعض علامات الشخصية المؤثرة, وأخيرًا عرض 10 خطوات لامتلاك تلك الشخصية.
فهرس المقال
مفهوم الشخصية المؤثرة
الشخصية المؤثرة: هي الشخصية التي لديها القدرة على التأثير في مجتمعها, والتغيير في محيطها. والمقصود بالتأثير هنا هو ذلك التأثير الإيجابى, والذي يمََكِّن الفرد من الحصول على العديد من الامتيازات الاجتماعية, وإمكانية تغيير معتقدات الأفراد وما يتبنونه من أفكار. ليس ذلك فحسب, بل من علامات الشخصية المؤثرة أيضاً القدرة على إلهام الآخرين سواء فى مجالاتهم العملية أو الشخصية, ودعمهم نفسياً, وتتميز هذه الشخصية أيضاً بكونها قدوة للآخرين.
يُطلَق مفهوم الشخصية المؤثرة على كل شخص لديه القدرة على التأثير على الآخرين أو ما يحيطون به, وبِمُوجب هذه القدرة تستطيع أن تُغير طابع معين أو رأي أو اعتقاد بطرق الإقناع المختلفة. وأنت من سيحدد وجهة هذا التأثير بأن يكون تأثيرًا إيجابياً أو سلبياً.
ما الفرق بين التأثير والتأثر؟
أولاً: التأثير
التأثير: هو عملية يمارسها صاحب الشخصية المؤثرة؛ لكسر معتقد راسخ في زهن شخص معين وزرع معتقد صحيح آخر، قد يكون صغيراً كإقناع شخص بتغيير تسريحة شعرُه, أو كبيراً كإقناع شخص ما بتغيير مسار تعليمه أو عمله, ولذلك باستطاعة هذه العملية أن تُؤثر على مشاعر الشخص, وسلوكه, وآرائه, وهذا باختصار توضيح لمفهوم التأثير الإيجابي.
أنواع التأثير الاجتماعي
- الإذعان: هو نوع من أنواع التأثير الاجتماعي الذي يستسلم فيها الشخص لرغبةٍ ما أو لطلبٍ معين, وهي مرحلة تأتي بعد حالة من التردد والإعتراض على شيء محدد؛ مما يحقق هدف الشخص صاحب الشخصية المؤثرة.
- التماهي: هو نوع من أنواع التأثير الاجتماعي التي تتمثل في حالة من التوافق أو الاتفاق بين الأشخاص أو العناصر المختلفة.
ثانيًا: التأثر
التأَثُّر: هو عملية ناتجة عن استجابة الشخص للتأثير الذي يُمارِسه عليه صاحب الشخصية المؤثرة. في هذه الحالة يتلقّى الشخص أفكارًا وآرَاءٍ من الآخرين ويتأثر بها، ثم ينعكس هذا التأثُر بشكل أو بآخر على سلوكه وأفكاره.
من عيوب الشخصية المتأثرة بالآخرين
من أهم ما يعيب الشخصية المتأثرة أنها:
- بناء شخصية ضعيفة, تواجه صعوبة في اتخاذ القرارات أو وضع حدود للدفاع عن حقوقها فحامل هذه الشخصية يفضل الاعتماد واتّباع الآخرين.
- تُكوِّن شخص لديه شعور داخلي دائم بالشك وعدم الأمان.
- عدم استطاعة الشخص على التفكير إلا بطريقة سلبية ومحبطة؛ بالتالي ليس لديه القدرة على حل مشاكله.
- افتقار الشخصية الضعيفة إلى الشجاعة, كما أنها تجد صعوبة في تقبُّل الفشل والنقد.
- تكوين شخصية تفتقد صفات العطف والرحمة والتفاهم.
- شخص غير قادر على تحمل مسئولية أقواله وأفعاله.
كل ذلك هو على العكس تماماً من علامات الشخصية المؤثرة. وباختصارٍ شديد, يعد مفهوم التأثير عملية يقوم بها الشخص بالتأثير على الآخرين, بينما يعد التأثُر عملية تشير إلى استجابة الشخص وتأثره بالتأثير الذي يُمارَس عليه من قبل الآخرين, بنوعيه: التأثير الإيجابي والتأثير السلبي.
كيفية امتلاك سلطة التأثير على الآخرين؟
يعد التأثير أداة الأنبياء وشغل العلماء وميزة العظماء وبه تُرفع الأمم. والتأثير الإيجابي بمعناه العام هو القدرة على ترك الأثر في القلب والعقل. فنحن لا سحر التغيير, بل نمتلك مَلَكَة التأثير الذي يساعد على التغيير. فهو وسيلة تساعدك على تغيير واقع لا ترغب فيه والوصول إلى واقع ترغبه وهذا باختصار هو مفهوم التأثير. ولكي تصبح صاحب تلك الشخصية المؤثرة في محيطك, اتبع أساليب الإقناع والتأثير وطبِّق هذه النصائح:
1. طوِّر مهاراتك الشخصي
اِعلم أنه يجب عليك أن تكون دائمًا فى حالةٍ من الاستعداد للتعلم, وتطوير المهارات الشخصية, كذلك الاستكشاف. انشغل دائمّا بتحسين مهاراتك وقدراتك في حل المشكلات والأزمات, وعوّد نفسك على التعلم من أخطائك وتجاربك.
2. كن شخصاً مرحاً
حاول ألا تكون من الشخصيات كثيرة الشكوى، ولا تنشر الأجواء الكئيبة واحرص على اختيار المواضيع المرحة أكثر فالناس بطبيعتها تهرب من هذه الشخصيات. بالإضافة إلى ذلك لتكتسب الشخصية المؤثرة, احرص على أن تكون أول من يبدأ بالتحية وإن كانت بالابتسامة فقط, وتذكر أن للابتسامة سحرها الخاص في النفس البشرية.
3. كن شخصاً إيجابياً
تحدث دائمًا بإيجابية. وكما ذكرنا من قبل قلل من الشكوى وطرح الأفكار السلبية, فإذا أردت أن تنشر السعادة والايجابية لمن حولك فعليك بنفسك أولاً, عوِّد ذاتك على المحبة والإيجابية, وتلقائياً سيظهر ذلك على ملامحك وتعبيراتك وكذلك فى تصرفاتك؛ بالتالي سينعكس بشكل تلقائي على مَن حولك.
4. كن شخصاً متواضعاً
الناس لا تحب الشخصية المتكبرة. لو افترضنا مثلاً وجود شخصاً متكبراً في محيطك فهل سيكون لديك الرغبة للتعامل معه؟ بالطبع لا؛ لذلك كن ذكياً ولاحظ الشخصيات المحبوبة ماذا يفعلون, وكذلك الأشخاص غير المرغوب بهم ماذا يفعلون, وما هي تصرفاتهم واجعل ذلك دليلاً لإرشادك نحو تطوير الذات وتحقيق الهدف من امتلاك الشخصية المؤثرة.
5. كن شخصاً عفوياً
تجنب التكلف وكن على طبيعتك. كلما كان الشخص علي طبيعته في أقواله وأفعاله مع مَن حوله كلما زادت نسبة قبوله عند الآخرين ويكون هذا أيضاً أداة داعمة يمكنه أن يتزود بها, وبالتالي تزداد لديه فرصة التأثير على مَن يريد أن يُأثِّر عليه.
6. تغافل كثيراً
اتقن فن التغافل, اعمل علي تحسين صفاتك وحاول قدر الإمكان أن توسع صدرك لتكون قادر علي تقبُل أخطاء الغير وامتصاص غضبهم في المواقف الصعبة؛ وبهذا تكون قادر على كسب مودتهم ومحبتهم؛ وبالتالي تزداد درجة تقربك منهم وهذا ما سيُسهل عليك عملية امتلاك الشخصية المؤثرة المقربة والتأثير الإيجابي عليهم.
7. كن شخصاً صادقاً
الصدق هو إيصال المعنى الحقيقي كما هو عليه فى الواقع, وهو من الصفات المرغوب بها بشكل عام واللازم توفرها لتكون صاحب الشخصية المؤثرة التي تسعى لاكتسابها. كن بطبيعتك صادقاً, وأكثر من ذلك, كن مع نفسك حتى صادقاً.
8. كن على تواصل دائم معهم
يغفل الكثير منّا عن هذه الميزة وما لها من أثر قوى في القلوب. اسأل الآخرين دائما عن سبب حزنهم, هذا له شأن عظيم فى النفوس البشرية. وبهذا التصرف البسيط أنت توطِّد نفسك وأثرك داخل الشخص وهذا الأثر لن يُمحي أبداً مهما مر عليه من زمان.
9. كن مستمعاً جيداً لمن يحدث
من الأشياء التى تعينك على امتلاك القدرة الجيدة على الاستماع والتي تمكنك من الوصول إلي أن تصبح شخصية مؤثرة في الآخرين.التفاعل مع المتحدث عن طريق إظهار علامات التعجب والاستفهام كأن تقول مثلاً( كيف؟ ماذا حدث؟) وهكذا. الحوار عبارة عن شيء يتم مشاركته بمعنى أن لك فقط نصفه وللطرف الآخر نصفه, فلا تقوم أنت بدور المتحدث فقط طوال الحوار, اسمع الطرف الآخر أيضاً, واسمح له بأن يُفصح عما بداخله, وليس هذا معناه أن تتحول إلى شخص مستمع فقط طوال الوقت؛ فالناس لا تتأثر بالشخص المستمع فقط طوال الوقت, بل تتأثر بالشخص الذى لديه مهارة التوسط فى الأخذ والعطاء, التحدث والاستماع.
10. اظهر احترامك واهتمامك بالآخرين
تقبَّل دائما آراء الآخرين, واستقبل أفكارهم, وأظهر لهم احترامك بغض النظر عن موقفك من هذه الآراء والأفكار. عامل الآخرين باحترام وتلقائياً سيُعامِلونك أيضاً باحترام. ساعد الآخرين حينما يحتاجون منك ذلك, فإحسانُك إلى الناس هو أداة لاكتساب قلوبهم.
ما هي أشهر مميزات الشخصية المؤثرة؟
إن من أكثر علامات الشخصية المؤثرة وضوحًا هي:
- الثقة بالنفس: يمتلك الشخص المؤثر دائما ثقة كبيرة بالنفس, فهو دائما واثق في قراراته وقدراته. شخص صاحب كاريزما يعرف قدر نفسه جيداً, ومتيقن داخلياً من قدرته علي إلهام الآخرين وترك التأثير الإيجابي عليهم.
- الشخصية القيادية: من أهم ما يميز الشخص المؤثر هو امتلاك مهارة القيادية؛ والتي تُمثل له سلاح قوي وأساسي, هذه الصفة هي التي تمكنه من التأثير على الآخرين وقيادتهم حيث يريد بشكل بَنَّاء.
- التواصل الفعّال مع محيطه: كذلك من علامات الشخصية المؤثرة، أن ذلك الشخص لديه القدرة الكاملة على التواصل مع من حوله والتعبير عن نفسه والإفصاح عما بداخله, وأيضاً حسن الاستماع إلى مَن يحدثه. ويتحقق ذلك بقدرته على إتقان مهارات الإقناع والتأثير على الآخرين.
- الحرص على استمرارية التعلّم: يَنظر هذا النوع من الشخصيات (الشخصية المؤثرة في الآخرين) إلى التعلم باعتباره الوقود الذي يحركهم إلى الأمام ولا يستطيعون العيش بدونه فهو على دراية تامة بتعريف الإقناع وطرق تطبيقه. حيث يرون أن أهم ما يميزهم هو مواصلة التعلم, الاستكشاف, تطوير الذات, ولذلك يسعون دائما إلى هذا الأمر.
في النهاية, لابد من الإشارة إلى أن مميزات الشخصية المؤثرة في الآخرين هي أمر نسبي يختلف من شخص إلى آخر, وأحد أوجهه امتلاك الشخص المؤثر مجموعة من صفات الكاريزما التي تساعده على ترك تأثيره بقوة وأن يبقى دائم الوجود.
الخاتمة
في حالة أنك قد وصلت لنهاية هذا المقال؛ فهذا يُعني أنك مهتماً بالعمل على تطوير الذات وبناء الشخصية, وحريص على تعلم واكتساب مهارات جديدة, مفيدة؛ لكي تصبح شخصاً مؤثراً على نفسك أولاً ومن ثَمَّ مَن حولك. لذا فعليك الآن بأخذ القرار والبدء الفوري في تنفيذ الإرشادات المذكورة أعلاه لتحقيق هدفك, وبناء شخصيتك المؤثرة في الآخرين وامتلاك تلك الشخصية القوية والمميزة, وتطوير ذاتك للوصول بها إلي مرحلة الشخصية المؤثرة, ومن ثَمّ المساهمة في إصلاح من حولك. لذا ابدأ الآن بتغيير ما يجب عليك تغييرهُ من صفات.
سارة غريب
مديرة وكاتبة محتوى, مؤمنة بالقدرة على التغيير ومحبة للاختلاف, أرغب بتحريك الإرادة القوية لكل من يسعى لتطوير ذاته بتحفيزه وإلهامه بالعلم والتجارب العملية، مع تقديم الإدارة السليمة لتطوير الذات والتحرك للأمام نحو الأفضل.
مقالات ذات صله
20 نوفمبر، 2024
أعراض التفكير الزائد: علامات تدل على أنك ضحية للتفكير المفرط
هل يسيطر عليك التفكير الزائد؟ اكتشف أبرز أعراض التفكير الزائد الخفية وتأثيرها…
1 نوفمبر، 2024
علاج التفكير الزائد والوسواس: استعد تركيزك وتخلص من التفكير المفرط
تعرف على أفضل طرق علاج التفكير الزائد والوسواس، وكيفية تطوير ذاتك لتحسين جودة…
4 سبتمبر، 2024
صفات الشخصية القيادية: بداية النجاح في حياة مليئة بالعمل والتحدي.
هل ترغب في البدء برحلة التعرف على أسرار صفات الشخصية القيادية؟ بإمكانك أن تكتشف…